( رجـالٌ مـرُّوا من هُنـا )

0 380

كتب…عبد الناصر سيد على

 

ليس كلُّ ذكرٍ رجلاً ، فالذكورةُ لا تعني الرجولةَ في أغلب الأحيان ، فالرجولة لها أبعادٌ أخرى ، ومقاييسها عديدة ، فتُطلَقُ لفظةُ رجلٍ على كل موقفٍ يتطلب المواجهةَ والاحتواء وتحمُّلَ المسئولية، والبسالة والشجاعة والإقدام والمروءة والفداء والغيرة ،وتكن كل هذه القيم والمفاهيم طقوساً لهذه الشخصية ، ولذلك تجدنا نطلق على المرأة هذه اللفظة لتدل علي أنها قد قامت بعمل الرجالِ ، بل أحياناً تفوقهم رجولةً في كل ما سبق .
فاحتواؤك لمن حولك رجولة، غيرتُك على دينك وعلى أهل بيتك رجولة ، مواجهتك للمشاكل والتعامل معها وليس التولِّي و الهروب منها رجولة، القيام بواجبات ومتطلبات أهل بيتك رجولة ، برك لوالديك رجولة ، حسن تربيتك لأولادك رجولة ، صدقك في الحديث رجولة ، الذَّبُّ عن عِـرضِ أخيك ، وردُّ غيبته رجولة ، الأمانة في الحوار وإعطاء كلِّ ذي حقٍ حقه رجولة ، عدم جرحك للآخرين وإحراجهم والسخرية منهم والتقليل من شأنهم رجولة، عطفك على الصغير واحترامك للكبير ورعاية الضعفاء رجولة ، إظهار مشاعرك لزوجتك واحترامها ومساعدتها في بعض الأعمال المنزلية رجولة ، الحفاظ على ميراث أخواتك البنات ، وعدم ظلمهم رجولة،حفاظُك على صلواتك الخمس فى أوقاتها وبالمسجد ما أمكنك رجولة .
إذاً الرجولة مواقف وسلوكيات ، والتزامات ومسؤليات ، وليست تركيبة فسيولوجية تميزك عن المرأة وفقط .
من هنا حرص الصحابة أن يكونوا كذلك – رجالاً – تأسياً بخير من أنجبت البطحاء ” صلى الله عليه وسلم “، فحرصوا على أن يكونوا رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فانظر إليهم والمرأة تنادي مستغيثةً واامعتصماه ؛ لأن يهودياً رفع ثوبها ، فجيَّش الجيوشَ ، وأعـدَّ العُـدَّةَ ، وشنَّ حرباً ضروساً صيانةً لعٍرض امرأة ، فأين الرجولة مما يحدث الآن في بعض البلدان الإسلامية ، أو قل جُلَّها من هِتكٍ للأعراض أمام ناظرينا ليل نهار ؟! .
ونجد سيدنا أبا بكرٍ الصديق يخرج بجيشه دفاعاً عن دينه لقتال المرتدين الذين رفضوا دفع الجزية بعد وفاة رسول الله”. صلى الله عليه وسلم ” ولا يخشى في الله لومة لائم ،فهذه رجولة.
وها هو الذي يرسل قائلاً ” من أمير المؤمنين – هارون الرشيد – إلى نيقفور كلب الروم ، الرد ما تراه لا ما تسمعه ” وجيَّش جيشاً أوله عنده وآخره عند ملك الروم فقط لرفضه حصة الخراج مقابل الحماية .
بل ونرى أيضاً أمثلةً رائعةً من أحد القضاة المصريين الشرفاء والذي يقم بدفع غرامةٍ ماليةٍ قدرها خمسة عشر ألف جنيهاً عن أرملةٍ ضعيفةٍ من ماله الخاص وهو ينظر قضيتها في التوقيع على إيصالات أمانة مقابل جهاز ابنتها ، ولم تستطع السداد فهذه رجولة.
ونموذجاً آخرَ لضابط شرطة تم تكليفه بتنفيذ حكم ضبط وإحضار لمسنٍ كبيرٍ في السِّنِّ لعدم سداده لمبلغٍ ماليٍ نظير أقساط ، فيقم هذا الشهم بمساعدة المسن الضعيف ، ودفع عنه غرامته، بل ورفض أن توضع القيود ( الكلابشات الحديدية ) بيديه ، وأدخلَ السعادةَ على قلبه ، فهذه من أروع صور الرجولة.
لذلك :
تشبَّهوا بالرجالِ إنْ لم تكونوا مثلَهم
فإن التشبُّهَ بالرجالِ فلاحٌ .
%d مدونون معجبون بهذه: