°روايه بعد فوات الأوان° الجزء الثاني للكاتبه -زينب سعيد-

0 5

الجزء الثاني♥

يجلس أحمد فى غرفته على أحد جوانب السرير مطأطئ رأسه غزا الحزن ملامحه فأبهتها ..رفع رأسه ناظرا إلى سقف الحجرة أخذ نفسا وأطلقه بضيق وهو يغمض عينيه متوجعا :آاااه

فك أحمد رابطة العنق (الجرافطة)

ثم وقف ليتجه صوب الدولاب وفتحه ليلقى بالجرافطة فى الدولاب ورفع ذراعيه ليستند براحتى يديه على حافة رف فى الدولاب ونظر فى الأرض باكيا ..وعندما سحب يديه وابتعد عن الدولاب سقط دفترا صغيرا ورديا على الأرض بجوار هاتف محطم

 

(يجلس أحمد على السرير وقد أستند برأسه على ظهر السرير ..يمسك فى يده دفترا ورديا وهو يقول :هو إيه ده؟

كانت ندى تجلس أمام المرآة تمشط شعرها فرأته فى المرآة فابتسمت وقالت بهدوء:وإنت لقيته فين ؟

أحمد :لقيته مرمى على الأرض جمب السرير 

ندى:فتحته صح؟

أحمد باستهزاء ممزوج بنبرة مزاح :لأ قلت استأذن الأول..أيوه طبعا فتحته 

ندى وقد وقفت وتركت المرآة واتجهت صوب أحمد :ولما إنت فتحته بتسألنى ليه ؟

أحمد :حبيت أسمع منك بس ..عموما أنا مقرأتش غير أول صفحة بس ..أنا أصلا لسه لاقيه دلوقتى 

جلست ندى على طرف السرير قائلة :بص يا أحمد ..الدفتر ده كل كلمة فيه عنك إنت ..من أول يوم حبيتك فيه وإحنا فى الجامعة لحد النهاردة 

ابتسم أحمد :يااااه ..لا ده أنا لازم أقرأه بقى 

تصفح أحمد صفحات الدفتر بسرعة ليتوقف عند أحد الصفحات التى كتب فيها :مش عارفة امتى بقى أفتح البروفايل بتاعه والاقيه منزل حاجة أفهمها 

ابتسم أحمد بفرحة وهو ينظر لها قائلا:إيه ده هو إنتى كنتى بتفتحى البروفايل بتاعى ؟

ندى بثقة بعد انكشاف أمرها:أيوه فين المشكلة ؟كنت بفتحه كل يوم مرة مرتين خمس ست سبع مرات ..

أحمد باستغراب:كل ده؟!

ندى بابتسامة وكأنها تشعر بمدى سذاجتها :أيوه ..كنت بقول إن فى اللحظة اللى بخرج فيها من بروفايلك احتمال إنت تنزل حاجة فارجع تانى أشوفه 

أحمد وقد أحب ذلك الحوار :وكنتى بتلاقى حاجة؟

ندى وقد تظاهرت بالضيق ونطقت بنبرة طفولية:لأ ..حضرتك كنت بطول لحد ماتنزل حاجة 

ضحك أحمد قائلا وهو يقترب منها:لو كنت أعرف إنك بتفتحيه..كنت هنزل بوستات حب كل لحظة كل ثانية كل دقيقة 

ندى وقد قصدت إيخافه ليبتعد فصرخت:أحمد

أحمد وقد ابتعد قائلا بقلق:فى إيه؟

ندى بابتسامة واسعة:الدفتر 

أحمد مبتسما:آه الدفتر ..ماشى 

أمسك أحمد الدفتر ليتصفحه بسرعة ويتوقف عند إحدى الجمل فيتجهم وجهه ويعبس قائلا:إيه اللى إنتى كتباه ده؟

ندى باستغراب :إيه ؟كاتبة إيه؟

أخذت منه الدفتر لتقرأ بصوت مسموع:أخشى أن يأخذنى الموت بين أحضانه قبل أن أخبرك أنى أحبك 

ندى وقد رأت الخوف والضيق على وجهه:أحمد ماتأفورش ..إنت مزودها على فكرة ..دى مجرد جملة يعنى كتبتها لما عملت حادثة أيام الجامعة ..كنت بحبك بقى ولما إتخيلت إنى ممكن أموت قبل ما تعرف إنى بحبك خوفت أوى )

أفاق أحمد من شروده وهو يجلس على طرف السرير يمسح دموعه التى لا تتوقف ممسكا بالهاتف والدفتر ..ثم قام بإلقائهما على السرير وارتمى هو أيضا بجوارهما وكأنه لم يعد يقوى على الحراك يتمنى لو كان كابوسا وسينتهى ….

ومضت بعض الأيام ….

(سبحان ربى العظيم ..سبحان ربى العظيم ..سبحان ربى العظيم)

قالها أحمد واستقام (الله أكبر)قالها بوجع شديد وقد سالت دموعه ..سجد وهو يبكى وأكمل صلاته (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)

نظر للسقف وبقى صامتا وقد توقفت دموعه ثم نطق قائلا:اللهم مخرج ..وهنا انفجر مرة آخرى فى البكاء وهو يطأطئ رأسه ببكاء جهورى :يارب أنا مش قادر ..أنا مكسور وضعيف أوى يارب ..قوينى ورينى مخرج من حالتى ..يارب ادينى الصبر والقوة يارب..

هنا سمع أحمد رنين جرس الباب ..فمسح دموعه واتجه صوب الباب ليفتحه 

(أمى..اتفضلى )

دخلت والدة أحمد (وداد )لتحتضن ابنها قائلة:أحمد عامل إيه يا ابنى؟..وحشتنى أوى 

ابتعدت والدته وهى تمسك كتفيه قائلة:كده يا أحمد ..مش ناوى تنزل تقعد معايا أنا وأختك برضو 

ابتعد أحمد ليغلق الباب وأشار لوالدته قائلة:اتفضلى يا أمى ادخلى

*

جلس أحمد ووالدته فى الصالون 

والدة أحمد:كده يا أحمد ..بقالك أسبوع قافل على نفسك شقتك ومش بتكلم حد ولا راضى تشوف حد ..إيه مش ناوى تنزل معايا بقى ..

أحمد بصوت خافت :أنا مرتاح هنا فى بيتى أنا وندى 

وداد :ومالو يا حبيبى ..بس مفيهاش حاجة تنزل تقعد معانا ..دى الشقة تحت شقتك بالظبط ..

صمتت ثم أكملت:أحمد احكيلى يا ابنى أنا أمك 

أحمد وقد ارتمى فى أحضان والدته التى وضعت يدها على رأسه:تعبان .تعبان يا أمى ..مش مصدق اللى حصل معايا ..مكنتش متوقع إن ربنا ممكن يعملى أى حاجة وحشة 

والدته:أحمد ..ربنا فعلا عمره مابيصيب عبده بسوء ..كل حاجة ربنا بيعملهلنا لحكمة هو وحده يعلمها..لو علمتم الغيب لأخترتم الواقع ..الصبر يا حبيبى ..يمكن ربنا بيختبر إيمانك وصبرك على الإبتلاء 

أحمد وقد ابتعد عن والدته ليقف صارخا بوجع :وليه بيختبرنى فى موت حبيبتى يا أمى ..ربنا عارف كويس إنى ممكن أموت أو اتجنن لو هى راحت منى ..ندى راحت منى يا أمى 

وقفت والدته قائلة:أحمد مينفعش نقول لربنا ليه ..وربنا لما بيبتلى العبد بيبقى عالم مدى صبره ..ربنا بيدى كل واحد على أد ما يقدر إنه يستحمل ..وما ربك بظلام للعبيد 

بكى أحمد فاقتربت منه والدته لتضمه إليها فيقول بصوت واهن:أنا حاسس إنى ضعيف أوى وموجوع أوى ..عارفة آخر حاجة قالتهالى كانت إيه ؟..قالتلى إنى كسرت قلبها ..كسرت قلبها إزاى ..كلامها وجعنى ..ونظرتها آه من نظرتها يا أمى ..

ابتعد ليكمل :أنا قولتلها يا ندى براحتنا إحنا متجوزين بقالنا سنة ..مش مهم الولاد دلوقتى المهم إنك معايا ..أنا مش مستعجل على الخلفة ..مكنتش حابب أحسسها إنها ليها ذنب فى حاجة ..لإنها فعلا ملهاش ذنب ..بس ماتت وهى شايفانى مذنب وكاسر قلبها ..

*****

بيت صغير أمامه حديقة صغيرة تملأها الزهور ..يبدو من الداخل بسيطا جدا وفى بساطته جمال…

فى المطبخ ..ألقيت أصابع البطاطس فى الزيت ..

(ماما ..هو أنا الصراحة يعنى كنت عايزة أعرف هوااااا أنااااا هجيب لبس للجامعة ولا إيه؟)

قالتها فتاة ملامحها طفولية جميلة بتردد لوالدتها ..كانت هذه هى رنا الفتاة الطويلة البيضاء ذات العيون العسلية 

أجابتها والدتها وهى تقطع شرائح الباذنجان (ربنا يسهل يا رنا)

رنا بتردد:يعنى امتى ؟

ثم أكملت بسرعة قبل أن تسمع رد والدتها :أصل يعنى باقى على الجامعة أسبوعين ..ودى أول سنة ليا وكده يعنى ياماما ..نفسى أروح بهدوم جديدة ..أنا الترم الأولانى قضيته بهدوم قديمة كانت عندى 

والدتها بهدوء لتطمئنها:حاضر يا حبيبتى إن شاء الله أول ما أبوكى يقبض فلوس الشهر 

رنا بإمتعاض:بس إحنا لسه فى نص الشهر يا ماما 

والدتها:خلاص بقى يا رنا ..قلتلك لما أبوكى يقبض ..وبعدين إنتى لازم تروحى أول يوم بهدوم جديدة ..ما إنتى عندك الجيبة الجينز وعليها البلوزة الوردى جميلة 

رنا بحزن:بس يا ماما دى أنا شرياها من السنة اللى فاتت والجيبة قصرت عليا ..وكل صحابى حفظوا الطقم ده ..غير إن الهدوم دى بتاعة صيف 

والدتها:يوووه يا رنا طب أعمل إيه طيب يا بنتى 

رنا بحزن :خلاص يا ماما ..مفيش مشاكل 

اتجهت رنا نحو غرفتها بحزن وأغلقت الباب خلفها..

******

خرج أحمد من الحمام واتجه صوب السفرة حيث كانت والدته قد أعدت له طعاما 

ابتسمت والدته عندما رأته:كويس إنك خلصت الشاور بتاعك قبل الأكل ما يبرد ..

جلس أحمد بجوار والدته التى وضعت يدها على كتفه :وحشتنى يا أحمد ..يلا عايزاك تاكل وتشبع فاهم ؟

ابتسم أحمد ابتسامة خفيفة إرضاء لوالدته التى سوف تموت قلقا عليه

ثم يرن جرس الباب فتتجه وداد لفتحه 

فتظهر فتاة جميلة ذات شعر أسمر قصير ذات ثياب مهندمة بنطلون جينز وجاكت بنى اللون على بلوزة زرقاء ثقيلة تختلس النظر للداخل بشئ من القلق 

فتهمس وداد بابتسامة :نور ..تعالى ادخلى 

فتدخل نور بهدوء وتتجه صوب الطاولة حيث يجلس أحمد 

وتتبعها وداد بعدما أغلقت الباب ..

يجلس الجميع فى صمت فقط ملاعق هامسة تتصادم بالأطباق فتحدث صوتا عن دون قصد 

تنظر نور لوداد فى شئ من الآسى ثم تنظر لأحمد الذى يركز ناظريه فقط فى الطبق الموضوع أمامه وكأنه يعد حبات الأرز وقلما يحالفه الحظ ليحرك الملعقة نحو فمه فيأكل ببطء شديد

فتحاول نور فتح حديث مع أحمد فتقول بهدوء وهى تبتسم بتردد محاولة أن ترى عينيه: إزيك يا أحمد؟..إيه مش ناوى تنزل تقعد معايا أنا وماما؟

اكتفى أحمد بالصمت فنظرت نور لولداتها فاستطردت قائلة بابتسامة خفيفة: طب مش هتباركلى ..أنا لسه جاية من الكلية نجحت فى الترم الأول وبتقدير 

ثم حاولت أن تتحدث بلهجة مبهجة قليلا:يعنى خلاص باقى ترم واتخرج وأبقى مهندسة الكترونيات أد الدنيا

حانت من أحمد نظرة خاطفة لأخته وابتسامة ترى بصعوبة حيث اختفت مجرد نطقه كلمة مبروك وأعاد رأسه مرة آخرى لطبقه

فوضعت وداد يدها على كتف نور بابتسامة خفيفة:مبروك يا حبيبتى 

******

فى غرفة رنا 

تمسك رنا بالجيبة الجينز تنظر لها قائلة:مش بطالة ..هى برضو لسه جديدة ..أول ما أغسلها وأكويها هتبقى حلوة أوى ..

وضعت الجيبة على السرير واتجهت صوب الدولاب تمسك البلوزة الوردى لتقول :هى لونها بهتان حبتين ..ممكن أوديها المصبغة يرجعوها زى ما كانت 

ثم قالت بفرحة :أو ممكن أخليهم يصبغوها بلون تانى ..هتبان جديدة 

تسمع رنا طرق الباب وتدخل والدتها ولكن قبل أن تتحدث والدتها 

قالت رنا:ماما ..أنا خلاص الطقم ده تمام ..

ثم قالت بلهجة تبدو فيها الفرحة:آه صحيح ..هالة بنت خالتى كانت جابتلى بلوزة كانت ضيقة عليها ..وأنا ملبستهاش قبل كده ..هأروح بيها هى كمان 

صمتت برهة وأكملت :ماما هو أنا ممكن البس الجاكيت الأسمر بتاع حسام أخويا هو كده كده معتش بيلبسه ويمشى للبنات يعنى..تعرفى أنا ممكن أتقل تحت الهدوم لحد ما الشتا يعدى  

نظرت لها والدتها مبتسمة ثم قالت وهى تمد يدها لرنا:خدى يارنا 

أكملت والدتها بفرحة :دول 200 جنية ..أصل مدير الشغل بتاع أبوكى ابنه نجح فقبض الموظفين بدرى وإداهم علاوة ..خدى خليهم معاكى 

أخذتهم رنا بفرحة واحتضنت والداتها ..ولكن كان يبدو بملامحها القلق فماذا ستشترى بذلك المبلغ ..ولكنها كانت سعيدة فهو أيضا مبلغ ليس سيئا ربما تشترى طرحة أو حذاء أو ربما حقيبة ..فى الأغلب ستشترى به شيئا

******

فى المساء ..

كان أحمد قد ارتدى ملابسا للخروج واتجه صوب باب البيت

لحقت به والدته بلهفة:هتخرج يا أحمد ؟

أحمد :أيوه يا أمى ..خارج اتمشى شويه 

والدته:طب استنى آجى معاك 

أحمد :خلاص يا أمى متخافيش عليا مش هتأخر  

خرج أحمد وأغلق الباب

تبع ذلك دعاء والدته:ربنا يسترها معاك يا ابنى يارب 

*****

ارتدت رنا عباءة بسيطة سمراء عليها ايشارب وردى تحمل كيسا فى يدها لتقول بفرحة:يلا يا ماما هنتأخر 

خرجت والدتها من غرفتها:إنتى متأكدة يا رنا. .إن فى مصبغة شغالة دلوقتى؟ الساعة بقت خمسة 

رنا:أيوه يا ماما ..فى مصبغة أنا عرفاها كويس 

ابتسمت والدتها:مش عارفة إنتى مستعجلة ليه كنا نروح بكره 

رنا بفرحة :بس أنا عايزة أروح دلوقتى 

****

يمشى أحمد على كورنيش الأسكندرية متألما أمواج البحر وتلاطمها كأنها توصف حالته وانقلاب حياته رأسا على عقب

(يتجه أحمد صوب باب الشقة فتنادى عليه ندى وهى ترتدى تلك الثياب التى قفزت بها من فوق البناية (العمارة)..(أحمد ..استنى )جرت ندى صوبه وهى تحمل فى يدها شال :خد ده حطه حوالين رقبتك علشان البرد

أحمد :ما أنا لابس جاكيت أهو 

ندى:لأ خد ده كمان الجو سقعة 

ثم قالت بلهجة حانية :وشكلك فيه بيبقى حلو

ابتسم أحمد وأخذ الشال ووضعه حول رقبتها هى وجذبها من أطراف الشال صوبه قائلا :طب مش ناسية حاجة تانية 

ندى بتوتر:إيه؟

غمز لها أحمد قائلا:إيه؟

ابتسمت ندى ووقفت على أطراف أصابعها لتقبل جبهته ومن ثم هبطت برأسها للأسفل لتحرر رأسها من الشال وتجرى بعيدا ضاحكة

نظر لها أحمد ضاحكا وهو يقول:بس كده؟

ندى متظاهرة بالبراءة :إيه؟

ابتسم أحمد :طيب لينا كلام بعدين 

ندى:مش لو لقيتنى 

ابتسم أحمد:ليه ناوية تلعبى معايا استغامية ؟

ندى:تصدق فكرة وأنا لما بستخبى محدش بيلاقينى بسهولة 

أحمد بمزح :خلاص لما أرجع نلعب استغماية 

ندى :لما ترجع ..لأ هستخبى من دلوقتى ..ولما ترجع مش هتعرف تلاقينى 

…….ومن ثم لاحت فى ذاكرته ندى وهى تلقى بنفسها من على السور )

ليخرجه من شروده أصوات السيارات التى ارتفعت بسبب الزحام 

(يارب ..خرجنى من اللى أنا فيه يارب ..وحدك قادر ..اللهم مخرج)

قالها أحمد محاولا أن يتجلد بالصبر 

انتبه أحمد لسيره كثيرا وأنه لن يتمكن من العودة سيرا 

فوقف يشير لأحد سيارات الميكروباص ..فتوقفت إحداها ليفتح الباب ويجلس بالكرسى الموجود بجوار الباب …

نعم لقد جلس بجوارها ..لقد جلس بجوار رنا التى بعدت بشكل تلقائى لتلتصق بوالدتها التى كانت تجلس خلف السائق بجوار الشباك

فأصبحت رنا تجلس فى المنتصف بين والدتها وأحمد .. 

(وكإن القلب بيإن

  والروح بتحن 

وقد يكون ممكن 

فى بعدك أجن

قادر فى وسط العتمة يخلق نور

 ..قادر يخضر أرض بعد ماكانت بور 

..قادر يزرع بدل الحزن سرور

 ..قادر قادر قادر قاااااادر)

 

%d مدونون معجبون بهذه: